المطربة السورية ربا الجمال

المطربة السورية ربا الجمال







جلال سيريس


الخميس 05 تموز 2007






"زوفيناز خجادور قره بتيان" أو كما هو معروف لدينا ربا الجمال ولدت في
مدينة حلب عام 1966 من أب أرمني سوري وأم لبنانية، بدأت مشوارها الفني
بشكل فعلي في الثالثة عشرة من عمرها أي في عام 1979...




وذلك عن طريق إذاعة دمشق التي كانت تفتخر بأنها حققت الانتشار من
خلالها علما أن هناك العديد من التسجيلات لصوت الفنانة الراحلة سواء كانت
هذه التسجيلات من أغاني خاصة لها أو حتى من أغاني أم كلثوم، وقد قام
بالتلحين لأغانيها "سهيل عرفة، سعيد قطب، ماجد زين العابدين، فاروق
الشرنوبي، نجيب السراج، صفوان بهلوان، احمد السنباطي، ورياض البندك" أما
الأغاني التي غنتها لأم كلثوم فقد كانت "(انت عمري)، (افرح يا قلبي)،
(عودت عيني)، (يا ليلة العيد)، (ح قابلو بكرة)، ولها في التلفزيون تسجيلات
قليلة لاغنيات ام كلثوم منها (هو صحيح الهوى غلاب) و(اسأل روحك) و(افرح يا
قلبي) التي غنتها في مطلع الثمانينات من القرن الماضي في دار الاوبرا
بالقاهرة مع الفرقة القومية للموسيقا العربية بقيادة سليم سحاب".

يشاع بأنَّ عائلة ربا الجمال لم تكن موافقة في بداية مشوارها على أن
تصبح مطربة فقد كانوا يأملون أن تصبح طبيبة، هذا ما دعى ربا إلى السفر إلى
فرنسا وبعدها إلى لندن من أجل دراسة الطب والاختصاص في طب الأطفال ولكنها
لم تعمل أبداً في هذا المجال، وهناك تعرفت على مدير الأوبرا الذي أعجب
بشدة بصوتها الذي كان (سوبرانوه) وقتها، وطلب منها أن تشارك في مهرجان
(ماريا كالاس) الذي كان فيه 30 متشاركة من عدة دول أوروبية وأجنبية، فنجحت
فيه وأخذت المرتبة الأولى وأخذت لقب أعلى صوت نسائي في العالم من الألقاب
التي أخذتها في المهرجان (سيدة الأناقة والرقي)، (أفضل قرار سوبرانو).

كانت الراحلة تقول دائما إنها لا تحب الفيديو كليب ولا ترى نفسها فيه
لأنها كانت تعتبره فقط من أجل عرض الأزياء والأجساد على الشاشة وكأنه سوق
للرقيق يتم فيه التنافس لإظهار المفاتن فقط ولا يمت للفن بأي صلة ولهذا
نراها مبتعدة بشكل كامل عن تقديم أغانيها على طريقة الفيديو كليب.

ويشاع أيضاً أنَّه كان لربا مزاجية حادة دفعتها لتعاطي المهدئات بشكل
كبير ويعزي المطلعون على حياتها ذلك إلى أنَّ السبب هو زواجها الفاشل الذي
لم يستمر لأكثر من خمس سنوات.

أما بالنسبة للقشة التي قصمت ظهر البعير وتسببت بآلامها الأخيرة فقد
كانت عبارة عن حفلة غنائية أقامها التلفزيون العربي السوري في فندق إيبلا
الشام الذي أقيم في الثالث عشر من شهر آذار 2005 والذي دعي إليه مجموعة من
الفنانين السوريين، وقد اختارت الراحلة المايسترو ماجد سراي الدين لكي
يقوم بقيادة الحفل، وبالفعل بدأ الحفل وبدأت المطربة بالغناء إلا أنه
ونقلاً عن شهادات بعض الموجودين فقد كان هناك فارق كبير بين أداء المطربة
وبين أداء الفرقة الموسيقية وهذا ما استفزها ولكنها أصرت على الاستمرار
عسى أن يدخلوا في جو الطرب الذي كانت تسحبهم إليه، ولكن ومع بداية الأغنية
الثالثة لها توقفت فجأة عن الغناء وقالت عبر المايكروفون "كل ما بدي سلطن
بيطيرولي السلطنة، ما عاد فيني اتحمل، من البروفات قلتلهن! "إلا أنَّ
الموجودين بدؤوا بالتصفيق الحاد لها من أجل أن يظهروا لها استيعابهم لما
يحدث، وهذا كان كافٍ لامتصاص غضبها ورجوعها إلى الغناء من جديد، ولكن الذي
حدث في النهاية كان أشد مرارة فقد نهض أحد العازفين وأخذ آلته الموسيقية
ورحل من الحفل أثناء تقديمها للأغنية، من دون أن يمنعه أحد أو حتى أن
يمنعه مدير الفرقة، وهذا الذي اعتبرته الراحلة استهتاراً بها وبفنها فقررت
التوقف عن الغناء والصعود إلى غرفتها في الفندق.

فبدأت هنا حملات الاسترضاء لها والكلام المعسول من أجل أن تعود إلى
المسرح مرة أخرى من أجل إكمال تصوير الحفل وأنَّ الذي تريده سيحدث، وفي
النهاية قبلت ونزلت مرة أخرى على المسرح الذي كان حينها فارغاً تماماً
سواء من الحضور أو حتى من العازفين، وقد كان هذا كفيلاً بأن يجعلها تصاب
بنوبة هستيرية، فتم نقلها إلى المنزل في ضاحية قدسيا والذي بقيت فيه عدة
أيام إلى أن ساءت حالتها وأصابتها جلطة دماغية بسبب حالة الاكتئاب التي
لازمتها طوال هذه الفترة ما اضطر أصدقاءها وجيرانها إلى نقلها إلى مستشفى
هشام سنان، وهناك بقيت عدة أيام من دون أن يسأل عنها أحد وبعد مرور أسبوع
اضطرت الراحلة إلى الخروج من المشفى وذلك بسبب مصاريفه المرتفعة بالنسبةِ
لها، فقررت الذهاب إلى مشفى دوما الذي يقع في مدينة دوما القريبة من مدينة
دمشق وهناك لفظت أنفاسها الأخيرة في الثاني عشر من شهر نيسان 2005.

أما بالنسبة لتسليم جثة الراحلة فقد تكفلت الجمعية الأرمنية الخيرية بتسلمها، وقامت الجمعية بتقديم قبر مجاني لها.

وأما بالنسبة للتشييع فقد كان تشييعها مخجلاً لدرجة كبيرة، فلم يحضره
سوى عشرين شخصاً من الأصدقاء والأقارب، والسبب في ذلك ربما ورقة النعي
التي لم تذكر سوى اسمها الحقيقي "زوفيناز قره بتيان" من دون وضع أي صفة
لها أو حتى ذكر اسمها الفني، والذي هو معروف من قبل الجميع بـ"ربا الجمال"
ولم يأت إلى التشييع أي أحد من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون أو حتى
من نقابة الفنانين، فعاشت الراحلة وماتت بطريقة مخجلة جداً، تسيء لسمعة
الوطن والمواطن الذي لا يحترم الإبداع ولا يضعه ضمن أولوياته، فلو كانت
راحلتنا من مصر لكانت وسائل الإعلام تراكضت وراءها وجعلتها أسطورة العصر،
ولكن للأسف قدرها أن تكون مطربة محلية لكي تصبح مُحارَبة من هذا وذاك ولكي
لا تصعد وتتألق في فنها الموصوف بأنه كلثومي ويبقى مكانها على هامش الحياة
حتى بعد رحيلها.