الشرعية

موضوع: الشرعية السبت ديسمبر 12, 2009 1:41 am

الشرعية

عندما يقوم البوليس فى مصر بضرب قاضى و اهانته أمام الكاميرا و يخرج القاضى مهلهلا ليقص للمشاهدين ما جرى فان أحدا لا يتحرك. عندما تقوم قوات الأمن المصرية بتمزيق الملابس العلوية لامرأة متظاهرة و كشف صدرها أيضا أمام الكاميرا لا يتحرك أحد لا شرقا و لا غربا. نفس هذا الموقف السلبى نلاحظه فى اضطرابات تونس و الجزائر و العراق و كل الدول العربية و باكستان ، لا أحد يهتم الا البعض فى الداخل فقط .
عندما يحدث مثل دلك فى تركيا تقوم قائمة العالم و يناشدون البوليس التركى ضبط النفس و استعمال الاساليب الانساتية المتحضرة. عندما يحدث ذلك فى تايلاند أو الصين الشعبية أو البرازيل نجد رد الفعل سريع و واضح و يطالب باحترام حق المواطنين . فمادا يعنى هذا ؟
ان تركيا صديق حميم للغرب و على الرغم من وجود تلك الصداقة القديمة جدا فهى تنتقد يوميا ان حدث فيها ما يوجب النقد.
و سوريا غير صديقة للغرب و لم تكن يوما صديقة للغرب و مع ذلك لا تنتقد تصرفات الدولة فيها و لو حدث ما يوجب النقد .
أقصد من قولى هدا أن الصداقة و المصالح ليست السبب فى اختلاف المعاملة و لابد من وجود سبب آخر لهده التفرقة.
كدلك فان العنصرية ليست هى السبب لأن الصين و تايلاند ليسا من الأجناس المحبوبة للغرب و مع دلك فالغرب يدافع عن حقوق المواطنين هناك و يناشد الحكومات الاعتدال فى التعامل مع هده الظواهر.
ما هو سبب اهتمام الغرب بحقوق الانسان فى دول معينة دون الأخرى ؟
أعتقد أننى وقعت على السبب و أعترف أنها الصدفة البحتة التى قادتنى اليه.
السبب يقع – و الله أعلم - فى كلمة واحدة. الشرعية .
النظم التى يقوم الغرب بانتقادها حين تخطىء هى نظم لها شرعيتها القائمة فى عيون الغرب و لهدا لا يزال الغرب يعتبرها ملتزمة بالحفاظ على القواعد البسيطة للتعامل مع الانسان داخل حدودها و بالتالى يتحدث معها و يخاطبها لأنه يؤمل فيها الخير أو بعضه على الأقل.
لو أن أبا له ابن مدمن للمخدرات و أبناء آخرين من غير المدمنين فلمن سيكون نصحه و توجيهه ؟ طبعا لمن لا يزال الأمل معقودا على نجاحهم و فلاحهم. أما خائب الرجاء المدمن فلا أمل يرجى منه و لا طائل من الحديث اليه.
هده أزمة حقيقية واقعة فيها كل البلاد العربية الجمهورية بلا استثناء لأن النظم الموجودة – و أقلها سنا تخطى السنوات العشر من العمر فى سلطة مطلقة – أصبحت سمعتها فى العالم كله – بفعل انعدام شرعيتها انعداما مطلقا - هى ذات سمعة الابن المدمن خائب الرجاء ، لاطائل يرجى و لا علاج مأمول.
ان الممارسات الغير قانونية التى كانت سائدة و سائغة فى عالم الحرب الباردة أثناء الستينات و السبعينات أضحت اليوم مستهجنة و ممجوجة بل و فى بعض الأحوال موجبة للمقاطعة دلك أن حدود سلطة الدولة أصبحت أضيق كثيرا عما كانت عليه من قبل سواء كان ذلك فى الاقتصاد أو السياسة أو الاعلام.
معظم دول العالم أبدت استجابتها لتلك التغيرات الجوهرية الا الجمهوريات العربية التى و ان استجابت نسبيا فى مجالات الاقتصاد و التجارة الا أنها ظلت عنيدة متمسكة بالسلطة المطلقة فى أمور السياسة و الأمن الداخلى بل و الاعلام.
ان اتفاقيات السماء المفتوحة و تحرير التجارة و السماح الجمركى و الحفاظ على الملكية الفكرية و كل ما شابه ذلك من اتفاقيات انما تمت الموافقة عليها اما قسرا أو عن عدم مبالاة أو ابتغاء لمكسب أو نظير ثمن أو كجزء من صفقة. أما المجالات المغلقة فلم تتم بشأنها أية تنازلات و أغلب الظن أن ذلك لن يحدث قريبا.
عندما تتغير هده الأوضاع سوف تتغير طرق المعاملة و انتقادات الغرب على العملية الانتخابية فى ايران هى فى واقع الأمر شهادة لايران و ليس عليها و لان انتقدها الغرب فهو اظهار لأى نوع من الاحترام و الأخد بالجدية و الاعتبار اللازمين أما التجاهل التام الدى يتم التعامل به مع الجمهوريات العربية – على عظم ما يقع داخلها من انتهاكات - فلا يدل على شىء أكبر من الاحتقار و وضعهم جميعا فى أحط منزلة سياسية و ثقافية و علمية .
الى أن يحدث دلك التغير الداخلى الى أنظمة تتحقق لها بعض من الشرعية أرجو ألا يظن أحد بالغرب الظنون أو يحلم حالم بأى تحسن على مجال من مجالات العمل – السياسية و العلمية و الدراسية و تأشيرات الدخول و فرص العمل الى آخر القائمة الطويلة.
ان المبادأة لا تأتى الا من أصحاب المصلحة فى حدوث التغيير . و هؤلاء لا يعيشون فى لندن و باريس و برلين ، و لكن فى المدن العربية المنتشرة من المحيط الهادر الى الخليج الثائر .
و لعل الدليل على صدق النظرة القائمة على مبدأ الشرعية هى طريقة تعامل الغرب بأكمله مع النظام اليوجوسلافى القديم قبل الاطاحة به – نظام سلوبودان ميلوشيفتش. لقد كان الغرب يقاطع النظام تماما مند عام 1991 بعد اندلاع حرب كرواتيا و لكن الغرب لم ينتقد أبدا الأوضاع الداخلية و لم يطالب النظام بتحسين معاملته للمواطنين فى داخل صربيا برغم وحشيته مع الجميع – صربا و غير صرب من الأعراق الموجودة فى تلك الدولة المتعددة الأعراق – و لكنه كان يطالبه باحترام حقوق الانسان و اتفاقيات الحروب فى تعامله مع الأقاليم التى طالبت بالاستقلال ، البوسنة و كوسوفو.
و حينما اشتدت المعارضة الداخلية – الداخلية و ليست من الخارج – و شارف النظام على النهاية طلب الغرب من جينجيتش رئيس الوزراء تسليم ميلوشيفتش الى محكمة لاهاى لجرائم حرب يوجوسلافيا.
أى أن النظام الذى رأته معظم الدول غير شرعى لم يقم أحد بتنبيهه الى أفعاله لأنه كالابن المدمن لا قيمة له و لا فيه. و بمجرد ظهور أحد بوادر الشرعية ساندها الجميع و قاموا برفع الحظر الاقتصادى و اسقاط الديون و خلافه.
صحيح أن الغرب مارس دورا قذرا للغاية فى تعامله مع المسلمين المحاصرين بين حظر السلاح و قوات صربيا و لكن هدا موضوع لا علاقة له بشرعية أو عدم شرعية النظام القائم فى الدولة صاحبة الاختصاص.
أعط النظم الجمهورية العربية و باكستان بعضا من الشرعية و سوف ترون شيئا آخر غير ما نراه الآن.
•

موضوع: رد: الشرعية الخميس ديسمبر 17, 2009 11:39 am

شكرا لك حبيب الاقصى
ادامك الله ذخرا لمنتدانا
تتاظر جديدك

موضوع: رد: الشرعية الخميس ديسمبر 17, 2009 2:03 pm

شكرا لك ملاك فلسطين على المرور العطر