الإسرائيلي يحاكم نفسه.. في شعر "درويش"
إلى قاتل..
لو تأملت وجه الضحية وفكرت..
كنت تذكرت أمك في غرفة الغاز..
كنت تحررت من حكمة البندقية وغيرت رأيك..
ما هكذا تستعاد الهوية..
هذه الكلمات تمثل مذكرة ادعاء حاول بها الشاعر "محمود درويش" دفع القاتل الإسرائيلي إلى محاكمة نفسه في إحدى قصائد ديوانه الأخير "حالة حصار" الصادر عن دار رياض نجيب الريس للطباعة.
وأكد درويش أن هذا الكتاب كتبه في أقل من شهر عندما كان محاصرا في رام الله، وصرح بأن شارون لا يستحق قصيدة فهو يفسد اللغة، هو متعطش للدماء ولديه حقد كبير، ولكن المشكلة في الدعم الأمريكي الذي يمنحه بعد كل مجزرة وساما بأنه رجل سلام.. ولكن إذا سقط شارون فمعنى ذلك أن مشروعه في الحل العسكري قد سقط أيضا.
ويصف حالة الحصار التي عاشها في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة بقصائد عدة منها:
الحصار هو الانتظار..
هو الانتظار على سلم مائل وسط العاصفة..
الحصار يحولني من مغن إلى وتر سادس في الكمان..
أيها الساهرون ألم تتعبوا من مراقبة الضوء في ملحنا..
ومن وهج الورد في جرحنا..
ألم تتعبوا أيها الساهرون..
ولكن في غمرة هذا الحصار يظهر الأمل في شعر درويش:
بلاد على أهبة الفجر..
لن نختلف على حصة الشهداء من الأرض..
ها هم سواسية يفرشون لنا العشب كي نأتلف..
ويخاطب درويش في إحدى قصائده الجنود الإسرائيليين الذين يحاصرون المناطق الفلسطينية قائلا:
أيها الواقفون على العتبات ادخلوا..
واشربوا معنا القهوة العربية، قد تشعرون بأنكم بشر مثلنا..
أيها الواقفون على عتبات البيوت
اخرجوا من صباحاتنا نطمئن إلى أننا بشر مثلكم..
ويتناول محمود درويش في ديوانه الذي يقع في مائة صفحة من القطع الوسط - وقد خصص ريعه للانتفاضة الفلسطينية - تحديد مفهوم واضح للسلام، فيقول في إحدى القصائد:
السلام نهار أليف لطيف خفيف الخطا لا يعادي أحد..
السلام قطار يوحد سكانه العائدين أو الذاهبين إلى نزهة في ضواحي الأبد..
السلام هو الاعتراف علانية بالحقيقة..
ماذا صنعتم بطيف القتيل..
السلام هو الانصراف إلى عمل في الحديقة..
ماذا سنزرع عما قليل..
ومحمود درويش المولود في "البروة" في "الجليل" بشمال فلسطين المحتلة عام 1948 كان قد وطئ أرض فلسطين لأول مرة عام 1995، وتحديدا إلى "غزة" قبل أن يستقر في رام الله بعد قرابة ربع قرن من المنفى.